انخفضت توقعات التضخم لمدة عام كامل للشهر الرابع على التوالي إلى 2.7%، مقارنة بـ 2.8% في أغسطس
في سبتمبر/أيلول 2024، أظهر أحدث مسح لثقة المستهلكين في الولايات المتحدة تحسنًا ملحوظًا، حيث ارتفع المؤشر إلى 69 نقطة، متفوقًا على قراءة أغسطس/آب السابقة التي بلغت 67.9 نقطة. هذا التحسن يأتي في وقت يشهد فيه التضخم تراجعًا، رغم استمرار حالة الحذر بين الأمريكيين مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني.
تحسن في معنويات المستهلكين
تشير نتائج مسح جامعة ميشيغان إلى زيادة طفيفة في ثقة المستهلكين، وهو ما يعكس تحسناً في الأوضاع الاقتصادية الحالية. هذه القراءة الأولية جاءت أفضل من توقعات الخبراء، الذين كانوا يتنبأون برقم حول 68.5 نقطة. يُعتبر هذا الارتفاع في الثقة مؤشرًا إيجابيًا على استقرار معنويات المستهلكين، لكنه لا يعكس بالضرورة تغيرًا جوهريًا في كل جوانب الاقتصاد.
القلق المرتبط بالانتخابات
رغم التحسن في الثقة، لا يزال هناك توتر في الأفق بسبب الانتخابات الرئاسية المقبلة. كما أن التوقعات بشأن الانتخابات تؤثر بشكل ملحوظ على الروح العامة للمستهلكين. تشير الأبحاث إلى أن تزايد التوقعات حول فوز كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية، يؤثر على التصورات الاقتصادية، حيث يختلف الجمهوريون والديمقراطيون في رؤيتهم لكيفية تأثير فوز هاريس على الاقتصاد.
التضخم وتوقعات الأسعار
من حيث التضخم، أظهر المسح تراجعًا في توقعات الأسعار على مدى العام المقبل. فقد انخفضت توقعات التضخم إلى 2.7%، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول 2020، مقارنة بـ 2.8% في أغسطس/آب. هذا التراجع يعكس تحسينًا في استقرار الأسعار، ولكن توقعات التضخم على مدى خمس سنوات ارتفعت إلى 3.1%، مما يشير إلى استمرار بعض المخاوف بشأن الاتجاهات المستقبلية للأسعار.
السياسات النقدية وتأثيرها
في سياق السياسات النقدية، دعا صندوق النقد الدولي إلى بدء مجلس الاحتياطي الفيدرالي دورة تيسير نقدي، مشيرًا إلى أن المخاطر الصعودية للتضخم قد تراجعت. وبحسب تصريحات المتحدثة باسم الصندوق، جولي كوزاك، فإن الاقتصاد الأمريكي من المتوقع أن يشهد تباطؤًا في النصف الثاني من العام، وهو ما سينعكس في التوقعات المحدثة لأداء الاقتصاد العالمي.
ويبدو أن الاحتياطي الفيدرالي سيأخذ في اعتباره الحاجة إلى تيسير السياسة النقدية في اجتماعه القادم. وتشير التوقعات إلى أن البنك المركزي قد يتخذ خطوات نحو خفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد، خاصةً في ظل تراجع المخاوف من التضخم. يُتوقع أن ينخفض مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي إلى 2.5% بنهاية العام، مع احتمال العودة إلى هدف البنك المركزي البالغ 2% بحلول منتصف عام 2025.
الأداء الاقتصادي للربع الثاني
يأتي هذا التحسن في ثقة المستهلكين في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي أداءً قويًا. فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 3% في الربع الثاني من 2024، وهو أفضل من التوقعات التي كانت عند 2.8%. هذا النمو القوي يعكس زيادة في الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري، ويشير إلى تعافٍ ملحوظ بعد فترة من النمو البطيء الذي شهدته الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
يعكس التحسن في ثقة المستهلكين تحسناً في الوضع الاقتصادي، مدفوعاً بتراجع التضخم. رغم ذلك، فإن حالة القلق المرتبطة بالانتخابات الرئاسية القادمة تبقى عاملًا مؤثرًا في معنويات المستهلكين.
تشير التوقعات إلى أن السياسات النقدية قد تشهد تغييرات ملحوظة في الفترة القادمة، حيث من المرجح أن يتخذ الاحتياطي الفيدرالي خطوات نحو تيسير السياسة النقدية لدعم الاقتصاد. في الوقت ذاته، يستمر الاقتصاد الأمريكي في تسجيل نمو قوي، مما يقدم إشارات إيجابية للمرحلة المقبلة، ولكن يبقى من الضروري متابعة التطورات السياسية والاقتصادية عن كثب لفهم ومحاولة توقع تأثيراتها المستقبلية علي عالمنا العربي.